تقول الخرافة أن منتجات مثل اي فون وماكنتوش نجحت لأنها كانت مختلفة عن البقية. وكان ستيف جوبز لديه رؤية لأنه يفكر بشكل مختلف عن الجميع. هل هذا صحيح فعلاً ؟
البعض يعتقد ان نجاح شركات مثل ابل وجوجل جاء بسبب اتباعهم نصيحة “التفكير باختلاف”، فهم يقدمون افكار مختلفة تماماً، لكن تلك الافكار المنحرفة ! منها ما يفشل فشلاً ذريعاً ( تذكر نظارات جوجل ؟) وعلاوة على ذلك، الكثير من نجاحات ابل وجوجل جاءت في الواقع من افكار ومشاريع كانوا فيها اتباع لا قادة.
فـ Apple لم تكن اول من قدم هاتف ذكي بشاشة لمس،IBM هي من فعلت ذلك، ياهو والتافيستا كانوا اول من قدموا محركات بحث قبل جوجل، وربما مع التدقيق في تاريخ الشركات لا دعايتها التسويقية ستجد ان 50% من رواد السوق فشلوا في محاولاتهم الاولي، اما من لحقهم بعد ذلك كانوا اكثر نجاحاً، فالشركات التي لاتدخل السوق لأول مرة غالباً ما ينتهي بها الامر بالنجاح.
اذا لم يكن التفكير باختلاف هو سبب النجاح…
اذاً ما هو السبب ؟
في اعوام 1800 وما لحقتها، استيقظ العالم علي ابتكار جديد من المحتمل ان يحدث تغييراً جذرياً في وسائل النقل في ذلك الوقت، فقد كان معظم الناس يسافرون عبر الحصان والعربة، وكانت هذة الطريقة مناسب للمسافات القصيرة، ولكن مع نمو واتساع مساحات المدن كانت تلك الطريق التقليدية بطيئة ومكلفة بل وخطيرة، كانت معدلات الوفيات في المدن الكبري مثل شيكاغو اعلي بنسبة 7 مرات عن ما هي عليه السيارات اليوم.
السيارات التي تعمل علي البنزين، هي الحل، كانت تذهب ابعد واسرع وفي الوقت المناسب، وكانت اكثر اماناً في السفر والتنقلات بين المدن.
لكن اقناع الناس بتلك الثقافة المختلفة كلياً يتطلب تحول ضهم في طريقة التفكير، فقد كانت الخيول هي وسيلة النقل الرئيسية لآلاف السنين، الناس كانوا مرتاحين عليها، يتوقعون ما يمكن ان يحدث من “الخيل” ويتعاملون معه باريحية، اما السيارات كانت وسيلة مختلفة تماماً فهي تتطلب وقوداً مختلفاً للتشغيل، وقود مختلف ودراية بكيف يمكن اصلاحها.
لقد تسبب الامر بصدمة عند الناس عندما شاهدوا في الشوارع سيارات تسير دون حصان في المقدمة، الامريكيون في المناطق الريفية كانوا يطلقون عليها “عربة الشيطان”، كانت سيارات البنزين ترمز للانحطاط في المدينة.
في عام 1980 أوريا سميث جاء بحل لهذة المشكلة، حيث رأى ان المشكلة نفسية لدى الجمهوة اكثر من كونها وظيفية ( لا يعتقدون بان العربة تؤدي وظيقة)، لذلك اقترح سميث شيء جديد لحل هذة المشكلة واسماه “Horsey Horseless”، وهو عبارة عن عربة مقدمتها عبارة عن راس حصان بحجمها الطبيعي.
هذة الفكرة ربما تكون سخيفة ومادة للضحك، كيف وصلت السذاجة بان نلصق رأس حصان وهمية علي مقدمة سيارة، لكن في وقتها كان من الصعب على الناس تصور عربية لا تجرها الحصان تتحرك امامهم في الشوارع لقد كانت فكرة مخيفة في وقتها.
الاختلاف وحده لا يحقق النجاح
كل هذة القصص تبين أن كونك مختلف لا حقق لك النجاح وحدة ، ولكن يجب ان تكون متميز فعلاً بأن تقدم مزيج متجانس بين التشابه والاختلاف، فالابتكارات والافكار الناجحة لا تكون متطابقة مع ما جاء من قبل ولكنها ليست مختلفة كلياً، انها مزيج من الالفة والحداثة، بين القديم والجديد.
غالبا هذا النمط من التفكير يحدث مع اي منتج/خدمة او فكرة جديدة، اذا كانت هذة الافكار مختلفة جداً وتتطلب تحول جذري في تفكير او سلوك الناس غالبا ستفشل هذة الافكار، فجهاز Apple Newton كان احد الابتكارات الفاشلة لابل فقد كان في وقت اطلاقة جهاز فريد كلياً لم يسبقة احد، كانت الصعوبة في ان يفهم الناس لماذا الحاجة الي جهاز مثلة، كيف يمكن ان يفيدهم في حياتهم.
على الطرف الآخر، لا يشفع عند الناس تلك المنتجات المشابهة لسابقيها، تلك التي لا توفر سبباً كافياً للتغير، فاذا كان المنتج المنافس يقدم نفس الميزات وفي نفس متوسط السعر فلا داعي للتغير.
نموذج الابتكار والتغيير الناجح… بساطة التغيير
الشركات يجب ان تستفيد من التغيير المعتدل او التمايز عن المنافسين بشكل معتدل عند ادارة الابتكار لمنتجاتها وخدماتها، فعند اطلاق منتج جديد لا يجب ان تكون استراتيجية الشركة ” انه منتج جديد تماماً “، يجب ان تكون الاستراتيجية في التسويق، الانتاج وكل عملية التصنيع هو ان هذا المنتج تطور منطقي لشئ موجود فعلاً، يجب ان تركز علي الفرق وتسليط الضوء على التشابه والاختلاف في نفس الوقت.
شركة TiVo التي تنتج احهزة تسجيل فيديو انتهجت ذلك النهج البسيط في التغيير، جهازها الاخير TiVo Mega الذي يحتوي على حجم تخزين كلي يصل الى 24 تيرابايت، والذي يمكن أن يسجل أكثر من 26 ألف ساعة من العرض التلفازي! يقدم مساحة تخزين ضخمه قادرة على تحمل تسجيل ثلاث سنوات من البرامج. فهو يسمح بحفظ ونسيان مشاهدة البرامج.
TiVo صممت هذة الاجهزة في بداية اطلاقها لتبدو وكأنها جهاز فيديو عادي، فعلى الرغم ان مسجلات الفيديو الرقمية لا تقوم بتشغيل اشرطة الفيديو العادية ولا تحتاج الى فتحة ادخال امامية، كان من الممكن ان يتم تصميم الجهاز وكانه شاشة حاسوب او اي شئ اخر بعيدا تماماً عن فكرة جهاز الفيدية.
لكن باستخدام نموذج مألوف، جعلت TiVo الناس أكثر راحة واعتمادا على هذا الابتكار الجذري عن طريق إخفاء هذه التكنولوجيا في شيء بدت مألوفة بصريا، استخدمت TiVo هذا التشابه لتجعل جهازها الفريد يخترق عقول الناس القديمة اعتماداً علي نموذج ابتكاري بسيط في التغيير.
المنتجات او الخدمات التي لا توفر سوى تغيير متواضع عن ما هو موجود فعلاً استراتيجيتها يجب ان تكون ” التأكيد علي ان الفوارق بينها وبين السابق بشكل جذري” اما تلك المنتجات او الخدمات التي توفر تغيير حقيقي عن ما هو موجود فعلاً، استراتيجيتها يجب ان تكون ” الدمج ضمن ما هو موجود حتى يتم تغيير السلوك”
التعليقات